هذا الخبر متاح أيضا ب: الإنجليزية
منذ منتصف يونيو/حزيران من عام 2014 في العراق، بدأت النفقات الامنية المرتبطة بقتال تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، والتراجع المذهل في أسعار النفط العالمية حتى وصل سعر البرميل الي خمسة وثلاثون دولارفي عام 2016تشكل مشاكل أقتصادية خطيرة للدولة العراقية ، وادت في النهاية الي عجز في الميزانية الفيدرالية قدره خمسة وعشرون مليار دولار في عام 2016. واليوم، من أجل دَفع رواتب موظفي القطاع العام، تقوم الحكومة العراقيةبالاعتماد، الى حد كبير، على أصولها من الاحتياطات الدولية، والتي تراجعت الى 66 مليار دولار من أصل 78 مليار دولار قبل سنتين.
في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2015، وللتعامل مع ألازمة، قام ممثلون عن الحكومة العراقية وصندوق النقد الدولي بعقد أجتماعَ في عمان،الاردن، لبدء المفاوضات بشأن قرض مالي للعراق بقيمة 15 مليار دولار لدعم إصلاحات إقتصادية رئيسية في البلاد.
سيقوم صندوق النقد الدولي بتوفير ثلثلي القرض، والذي من المتوقع دفعه في يونيو/حزيران 2016، في حين ستقوم مجموعة من المانحين الاقليميين والدوليين بتوفير المتبقي. صرح مسؤول رفيع المستوى في صندوق النقد الدولي لوكالة رويترز بأن القرض”سيأخذ شكل عدد من قروض الطوارئ التي كان صندوق النقد الدولي قد وافق على احدها في يوليو/تموز من عام 2015، بقيمة 1.24 مليار دولار.” بمعنى إن القرض الجديد سيساوي في مجموع قيمته قروض طوارئ عديدة. تماشياً مع الصفقة، ستحصل الحكومة العراقية على مبلغ 5 مليار دولار في عام 2016، مع صرف المتبقي على مدى السنتين المقبلتين.
مثل الوفد العراقي الى اللقاء وزير المالية هوشيار زيباري، محافظ البنك المركزي العراقي، و مسؤولون من وزارات النفط، المالية، التخطيط، الكهرباء، والبنك المركزي العراقي ، وممثلون عن البنوك المملوكة للدولو؛ فيما مثل كريستيان خوز بعثة صندوق النقد الدولي. هذا وقد طلب الوفد العراقي إنشاء برنامج إشراف يقوم من خلاله موظفي الصندوق بمراقبة السياسات الاقتصادية في العراق. يرجع سبب الطلب الى رغبة العراق في تكوين سجل يؤرخ تنفيذه للسياسات و إثبات التزام الحكومة بضبط الاوضاع المالية والحد من الإنفاق العام، وهو ما يشكل حجر الاساس لصرف القرض الكبير لاحقاً. إن الهدف الرئيسي من برنامج الرقابة هو خفض العجز غير النفطي بقيمة عشرين مليار دولار او ما نسبته 12% من الناتج المحلي الاجمالي للعائدات غير النفطية بحلول نهاية عام 2016.
أعقب إجتماع نوفمبر/تشرين الثاني إجتماعات اخرى كان أخرها في شهر نيسان/ابريل الجاري في العاصمة الامريكية واشنطن، لدراسة تفاصيل الاصلاحات المالية والاقتصادية. قبل ان يوافقوا على صرف القرض، يريد مسؤولو صندوق النقد الدولي ضمان ان يكون التزام العراق بالاصلاحات ” دائم من اجل دعم الاستدامة المالية والخارجية على المدى المتوسط.”علاوة على ذلك، يرى مسؤولو الصندوق بأن القرض سيتوقف “على التقدم الذي تحرزه الحكومة العراقية في التعامل مع خمسة اهداف رئيسية تتعلق بعجز الموازنة، التمويل من قبل البنك المركزي، المحافظة على احتياطيات كافية، أستهداف الانفاق الاجتماعي، وتجنب تراكم المتأخرات للشركات العالمية.” طلب قادة الصندوق ايضاً من الحكومة العراقية الاقدام على المزيد من الاصلاحات الاجتماعية والاقتصادية بما في ذلك رفع الدعم الحكومي عن الطاقة وإنهاء العمل بنظام البطاقة التموينية. ستمثل هذه المطالب تحدياً من نوع خاص لحكومة رئيس الوزاء حيدر العبادي وذلك لصعوبة تنفيذها من الناحية السياسية وقلة الدعم الشعبي لهذا النوع من الاصلاحات في دولة يبلغ فيها نسبة الفقر 30 بالمئة من مجموع السكان.
تشمل التدابير المقترحة ايضاً اصلاح الشركات المملوكة من قبل الدولة ونظام الوظائف الحكومية. وهذا أمر مهم لأن، طبقاً لما جاء به مستشار رئيس الوزراء لشؤون الاقتصاد السيد مظهر صالح، ما ” ينتجه العاملون في القطاع العام في اليوم الواحد يساوي حجم العمل لمدة خمسة عشر دقيقة فقط. أما المصانع المملوكة للدولة، والتي معداتها قديمة أصلاً، فتنتج جزء قليل من قدرتها، ومع ذلك تقوم بتوظيف العاملين بنسبة اكبر من الحاجة.”
بالأضافة الى هذا، يريد قادة صندوق النقد الدولي من الحكومة العراقية التصدي الحازم الى الفساد، وهذا احد الموضوعات التي تم تناولها على هامش الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي/ البنك الدولي بين مسؤولي الصندوق و ممثليين عن المجتمع المدني في العراق، حيث اتفق الجميع على إن الفساد المؤسسي يشكل عائقاً من العوائق الحقيقية أمام انتعاش الاقتصاد.
واخيراً، بما إن السيد العبادي يحاول جاهداً حشد الدعم لبرنامج اصلاحاته السياسية والتي الهدف المعلن منها هو محاربة الفساد وهدر المال العام، حان الوقت لمسؤولي صندوق النقد الدولي ان يدعو، وبكل قوة ، الحكومة العراقية الى العمل جنباً الى جنب مع منظمات المجتمع المدني المحلية لايجاد حل لمشاكل سوء الحكم، سوء الادارة، وإستشراء الفساد في مفاصل الدولة.