هذا الخبر متاح أيضا ب: الإنجليزية
هذه المقالة لمركز معلومات البنك تم نشرها المنشورة على مدونة سياسة البنك الدولي الخارجية – المناظرة وهي توضح أسباب ضرورة مراجعة البنك الدولي لسياساته الحالية الخاصة بالترجمة والإفصاح عن المعلومات من أجل تعزيز مشاركة فعالة للمجتمع المدني.
المصدر:
المناظرة، السياسة الخارجيةبقلم: ريبيكا هاريس (باللغة الإنجليزية)
طالبت مجموعات المجمتع المدني في اليمن في شهر يناير من عام 2008 المكتب القُطري للبنك الدولي في البلد، بترجمة عربية للشروط التي وضعها البنك لمنحة مقدمة إلى الحكومة اليمنية بمبلغ 51 مليون دولار أمريكي. ولقد نظرت تلك المجموعات إلى ذلك الطلب على أنه معقولاً لأن القروض السابقة للبنك الدولي قد أولت استقرار الاقتصاد الكلي أهمية كبيرة مقارنة بالخدمات الاجتماعية مثل الرعاية الصحية والتعليم. ولذا حرصت مجموعات المجتمع المدني على أن تجعل من منحة البنك الدولي هذه شيئا مختلفاً
لقد جاء رد البنك الدولي مفاجئاً لمجموعات المجتمع المدني حيث أن المدير القُطري للبنك قام بشكر تلك المجموعات “لوعيهم العالي” بالعملية التنموية الجارية وأوضح لهم بأن “شروط القرض مثلها مثل الوثائق المتعلقة بمشاريع آخرى ومتوفرة فقط باللغة الإنجليزية وذلك لأنها اللغة الرسمية التي يستخدمها البنك في جميع تعاملاته واتفاقياته مع حكومة الجمهورية اليمنية.” ولذا اعتذر لهم عن عدم مقدرته بتزويدهم بالترجمة معبرا عن أمله بأن تقوم مجموعات المجتمع المدني بترجمة الشروط بنفسها وهي المهمة الشاقة في بلد يبلغ فيه معدل الأمية 57%فقط، والقليل من سكانه يقرأون أو يتحدثون الإنجليزية وتبلغ فيه كلفة الترجمة للوثيقة الواحدة ما بين 1.800 إلى 2.000 دولار أمريكي وهو ما ييزيد على نصيب الفرد الواحد من الناتج القومي الإجمالي والبالغ 930 دولار أمريكي لكل مواطن يمني عادي.
وبعد ذلك بعشرة آيام – أي تحديداً في 30 يناير – بعثت مجموعات من المنظمات المحلية يبلغ قوامها 25 منظمة بمذكرة تتابع فيها طلب الترجمة وتطلب من المكتب القُطري للبنك مراجعة سياسته الخاصة بالترجمة. و لا زالوا ا ينتظرون رداً بهذه الخصوص.
وفي أبريل 2009 بلغ حنق منظمات المجتمع المدني مبلغه وقامت بتسليم شكواها إلى هيئة التفتيش التابعة للبنك الدولي وهي آلية مستقلة يتم من خلالها استقبال المظالم. ووفقا للمرصد اليمني لحقوق الإنسان، وهو إحدى تلك المنظمات التي قامت بتقديم الشكوى، فإن رفض البنك للطلبات المتكررة للحصول على الترجمة هو مؤشر على مشكلة أكثر تعقيداً. وبإختصار فإن السياسة الضيقة الخاصة بلغة البنك قد أبقت منظمات المجتمع المدني خارج المشاركة ولم تضم سوى النخبة. ولذا زعم المدير التنفيذي للمرصد اليمني لحقوق الإنسان بأن هذه هي إحدى الأسباب الرئيسية وراء رداءة نتائج مشاريع البنك السابقة.
والسؤال المطروح اليوم أمام هيئة التفتيش، أكبر من كونه عدد قليل من الترجمات. وأضحت كل من قدرة البنك على النجاح ومصداقيته بين هؤلاء الذين يقوم البنك بخدمتهم على المحك.
ودعونا نتناول كل هذا على أرض الواقع، فمنذ الثمانينات وكذلك التسعينات من القرن الماضي كانت علاقات شائكة تجمع منظمات المجتمع المدني بالبنك الدولي عندما كان الاهتمام الشائع للبنك يتمثل في قروض الإصلاح المؤسسي. وكان الغرض من تدخلات ومساهمات البنك تلك هو الحفاظ على وضع مالي راسخ للبلد وذلك من خلال تقليص الإنفاق وإعادة جدولة الديون.ومع هذا وعلى الرغم من تحقق بعض الشيء من ذلك الهدف إلا أن الأعراض الجانبية كانت مدمرة للخدمات الإجتماعية. وكان يتم من النفقات المتعلقة على سبيل المثال بأجور المعلمين والرعاية الصحية للعاملين. وبعد عقود لاحقة يُنظر إلى القروض كحكاية تحذيرية عن ما يحدث عندما يتم فرض سياسة خاصة بالإقتصاد الكلي دون إعطاء فرص لهؤلاء الذين من المفترض أن تستهدف هذه السياسة خدمتهم.
وعلى الرغم من التغيير الذي تم إدخاله على نظام هيكلة الديون فإن تحيز البنك الدولي للغة الإنجليزية يثير تساؤلا عن النوايا الحقيقية للبنك . وحالة اليمن هي فقط مثال يجسد العديد من الحواجز التي تحول دون حصول العامة على المعلومات في البنك، فالعديد من الوثائق والدراسات التي يتم تصنيفها كعامة، يُبقي البنك عليها كوثائق ودراسات يُستحال تقريباً الحصول عليها ما لم يقوم فرد ما ببذل جهد جهيد للحصول عليها. وأما الوثائق التي يتم فيها تداول وجدل وتفصّل كيفية التفاوض بشأن القروض والهبات فإنها وثائق محدودة التداول بشكل كبير. وحتى المسودات لا يتم الإفصاح عنها حتى يتم الموافقة عليها من قبل مجلس إدارة البنك وهي الشيء الذي يقوض بشكل خطير قدرة الأطراف ذات العلاقة للمشاركة في العملية. والوثائق التي تنال مثل هذا النوع من الطمر والإخفاء – سواء كان ذلك لغويا أو بيروقراطي أو متعمد – فإنها هي تلك الوثائق التي يثبت بشكل واضح الضرر أو الإساءة التي قد يتسببها الإفصاح عنها.
أما بالنسبة للقضايا المتصلة بالشفافية فهناك أسباب أخرى للتوجه بسؤال يتركز حول السبب وراء توقع أكبر مؤسسة تنموية ريادية في العالم بإنجاز أعمالها فقط باللغة الإنجليزية في بلد مثل اليمن حيث اللغة العربية هي اللغة الرسمية. ومنذ البداية يتم إقصاء غالبية سكان البلد المضيف من المشاركة بشكل شامل في العملية.
و هذا لا يوجد فقط في اليمن، بل على طول ما يقارب 140 بلدا مؤهلا للحصول على قروض البنك، وهي البلدان التي يحاول فيها البنك مساعدة الفقراء (ومن المثير للسخرية أنه لا يحاول أصلا التواصل معهم). إن من مصلحة البنك أن يضع حدا لحاجز اللغة وأن يتخاطب مع الناس الحقيقين والمستهدفين في برامجه. إن المجتمع المدني يدرك أكثر وأفضل من أي خبير أجنبي الحقائق والوقائع المحلية التي تقود مشروع ما إما إلى النجاح أو الفشل. وبالإضافة إلى ذلك فإنه يجب إشراك هؤلاء الناس الذين يستهدفهم البنك الدولي في برامجه وذلك من أجل أن يدلوا برأيهم في تحديد المشاريع وكيفية إدارتها وتنفيذها. وبدون هذا النوع من المشاركة ستعاني مصداقية البنك الدولي في الشارع وستفشل مشاريعه لأنها لا تنال الدعم اللازم من عامة الناس.
نأمل كثيرا أن يكون البنك الدولي قد تفهم هذا. وما يدعوا للأمل هو تلك الإشارة الإيجابية المتمثلة في المراجعة المستمرة لسياسية البنك الخاصة بالإفصاح عن المعلومات والتي من المقرر أن يتم استكمالها هذا الخريف. ولا ينبغي الاحتفاظ بحق المشاركة فقط لهؤلاء الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية أو هؤلاء القادرين على شق طريقهم نحو البنك وبعبعه التنظيمي. إن عملية التنمية يغلب عليها طابع النخبة وتقارب وبشكل خطير النهج الاستعماري أكثر من مقاربتها للتقدم المنظور.