هذا الخبر متاح أيضا ب: الإنجليزيةالأسبانية
Jim Kim at Press Conference in Vietnam Photo © Dominic Chavez/World Bank (CC BY-NC-ND 2.0)
تسربت مؤخراً مسودة البنك الدولي الخاصة بمقترح السياسات الوقائية الجديدة، والتي تبدو وكأنها انتكاسة لمكاسب تم تحقيقها على مدى عقد بأكمله. فعلى الرغم مما يزيد عن عامين من الجهود التي بذلها كل من المجتمع المدني والمجتمعات المحلية المتأثرة بالمشروعات وكذا خبراء في العديد من القضايا الاجتماعية والبيئية، إلا أن النسخة المسربة تكشف عن وجود عمليات إضعاف كبيرة لهذه المعايير.
من المفترض أن مجلس إدارة البنك الدولي قد ناقش السياسات المقترحة في 30 من يوليو / تموز وذلك قبل فتح باب المشاورات العامة على المسودة، ومن الملفت أن السياسات المقترحة لا تتطابق مع الأهداف التي أعلنها البنك عن القضاء على الفقر المدقع وزيادة الرخاء المشترك، بل إنها تؤدي إلى خفض لمستوى المعايير التي كان المجتمع الدولي قد توصل إليها حتى الآن.
وكان رئيس البنك الدولي جيم كيم قد وعد في العديد من المناسبات بأن هذه المراجعة لسياسات البنك لن تؤدي إلى “التقليل” من أو إضعاف سياسات البنك الحمائية؛ إلا أن المسودة التي تسربت تكشف عن قدر كبير من هذا الإضعاف مثل التفريغ الجوهري للشروط التي تتطلب عمل تقييم لما يحتمل حدوثه من تأثيرات بيئية واجتماعية سلبية للمشروع والاعلان عنها قبل موافقة مجلس إدارة البنك الدولي على القروض الخاصة بالمشاريع، كما أن إلغاء قواعد واضحة ومعروفة خاصة ببعض القضايا الهامة يبدو أنها محاولة جلية من قبل البنك لتجنب المسائلة فيما يتعلق بالتأثيرات السلبية للمشروعات التي يقوم بتمويلها؛ ومثال على عملية الإضعاف الواضحة، يقترح البنك خلق ثغرة جديدة تستطيع الحكومات من خلالها اختيار عدم الإلتزام باتباع متطلبات تخص حقوق الشعوب الأصلية والتي سوف تعد ضربة قاضية للشعوب الأصلية التي تعتمد على البنك للاعتراف بها عندما ترفض الحكومات ذلك.
كما قدمت إدارة البنك الدولي وعودا بأن السياسات الوقائية التي تمت مراجعتها سوف تشمل قدرا أكبر من الحماية للمجتمعات الفقيرة ولتلك التي يصنفها البنك على أنها “معرضة للخطر” أو “مهمشة”، ولكن على الرغم من هذا الوعد إلا أن المسودة لا تذكر – إلا بصفة عامة – الحاجة إلى الوضع في الاعتبار تأثيرات المشروعات على هؤلاء الذين قد يكونوا في وضع أسوأ نظرا لمقتضيات السن أو الإعاقة أو النوع الاجتماعي أو التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية، ولم تقدم المسودة إجراءات واضحة تصف فيها بالتحديد ما يجب على المقترض فعله لضمان استفادة هذه المجموعات على قدر المساواة من مشروعات البنك وألا يتم الاضرار بها خاصةً حين تشمل المشروعات ترحيل فعلي واقتصادي.
ووفقا لمسودة السياسات فقد تم أيضا نقض تأكيدات مماثلة صرح بها البنك مفادها أنه سوف تتم مواجهة التحديات البيئية بأسلوب مناسب في السياسات الجديدة، وعلى سبيل المثال فالبرغم من ريادة البنك في القيام بالتحذير مما تنطوي عليه مخاطر الاحتباس الحراري في العالم وخطره على التنمية إلا أنه لم يتم ذكر التغير المناخي سوى بأسلوب عشوائي في مقترحات السياسات الوقائية، ولم يشمل النص في أي جزء منه تحديد لما يجب على الحكومات أن تقوم به لتقييم ما إذا كانت مشروعاتهم سوف تؤدي إلى تفاقم التغير المناخي أو كيف سيؤثر ذلك على جدوى مشروعاتهم، وفي هذه الأثناء فإن اقتراح برنامج “تعويضات التنوع البيئي” ليتم تطبيقه في مناطق كانت تعد من قبل بمثابة خط أحمر يؤدي إلى إضعاف كبير للكثير من الإجراءات الحمائية التي يتم تطبيقها في الموائل الطبيعية المهمة والمحميات، وذلك على أساس من الافتراض الهش بأن تدمير هذه المناطق يمكن أن يتم تعويضه أو “موازنته” من خلال اتفاقيات للحفاظ على البيئات الطبيعية في أماكن أخرى.
تنطوي السياسات المقترحة في المسودة الجديدة على حالات عدة تعطي إلى كل من المقترض والبنك الدولي فرصا غير مسبوقة لاتخاذ قرارات تتعلق بالتوقيت والكيفية بل أيضا وفي بعض الأحيان فرصة تحديد ما إذا كان سيتم تطبيق هذه السياسات بالنسبة لمشروعات معينة أم لا. وعلى الرغم من الادعاءات المتكررة بأن هذا “الأسلوب المرن” سوف يتم تعويضه من خلال التوسع في عمليتي الإشراف والمتابعة اثناء التنفيذ، إلا أن المسودة تشمل عدد قليل للغاية من المتطلبات الواضحة أو خطة تنفيذ مصاحبة تخلق أي نوع من الشعور بالاطمئنان إلى أن أهداف السياسات الوقائية سوف تتحقق بالفعل؛ وحيث أن البنك الدولي يطالبنا بأن نثق فيه إلا أن سلسلة الوعود التي لا يتم الوفاء بها، وجو السرية في إعداد المقترح، وكذا الهيكل الضعيف من حيث التنظيم والتمويل للعاملين في البنك المسؤولين عن تنفيذ السياسات الوقائية، كل هذا لا يخلق سوى المزيد من الشكوك في أن هذه السياسات سوف يتم تنفيذها بأسلوب فعال لتجنب الآثار السلبية على المجتمعات المتأثرة بالمشاريع، والبيئة.
وبينما تشمل المسودة بعض العناصر الإيجابية مثل تبني معايير لحماية العمال – ولو أنها معايير أضعف بكثير من تلك الموجودة بالفعل في بنوك تنمية أخرى متعددة الأطراف – إلا أن هذه المقدمات لا تعد تعويضا للحالات المتعددة للإضعاف الإجرائي والموضوعي الموجودة في المسودة بأكملها، وبصفة عامة فإن البنك الدولي لم يحقق هدفه الخاص بوضع معيار عالمي جديد لحماية الفقراء والكوكب.