هذا الخبر متاح أيضا ب: الإنجليزية
في 14 مارس 2011، افصح البنك الدولي عن وثيقتين تتعلقان بقضية قدمها واحد وخمسون من سكان بيروت الكبرى الى هيئة التفتيش التابعة للبنك الدولي بشأن مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه، وهو مشروع للمياه في لبنان يموله البنك الدولي. يهدف هذا المشروع الى توفير المياه الصالحة للشرب الى سكان منطقة بيروت الكبرى والأحياء الفقيرة في جنوب بيروت من نهري الليطاني والأولي.
قدم مواطن لبناني (الممثل) ممثلا نقسه وخمسين من سكان بيروت الكبرى (المتقدمين بالطلب) طلب تفتيش في مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه الى هيئة التفتيش التابعة للبنك الدولي في نوفمبر 2010 بدعوى ان هذا المشروع سيؤثر عليهم سلبا. اثار المتقدمين بالطلب قضايا تتعلق بتصميم المشروع، الشفافية، التشاورات، المخاطر البيئية والأعباء الاقتصادية المتعلقة بالمشروع. ان هيئة التفتيش هي هيئة مستقلة يمكن من خلالها ان يقدم المواطنون المتضررون من مشاريع يمولها البنك الدولي شكاواهم.
بحسب إجراءات عمل هيئة التفتيش، قدمت الادارة المعنية بالمشروع في البنك ردها على الشكوى في 13 ديسمبر 2010. قام فريق من هيئة التفتيش بزيارة ميدانية الى لبنان في يناير 2011 لتحديد ما اذا كانت القضية ذات أهلية للتحقيق، حيث زار الفريق موقع المشروع وقابل مقدمي الشكوى وسلطات اخرى معنية بالمشروع. في 20 يناير 2011، قدمت هيئة التفتيش تقرير الأهلية الخاص بالمشروع الى مجلس المدراء التنفيذيين تضمن المسائل الرئيسية حول المشروع وتوصية من الهيئة لإجراء تحقيق إضافي في الأمر. تقدم الهيئة التوصيات على أساس غير اعتراضي وهذا يعني أن التوصية تعتبر موافق عليها اذا لم يعترض عليها أي عضو من المجلس او يطلب بعقد اجتماع لمناقشة القضية في غضون 10 ايام من تاريخ توزيع التقرير على المجلس. بالنسبة الى مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه، فقد طلب احد اعضاء المجلس اجتماع لمناقشة القضية.عقد الاجتماع في 10 مارس 2011 لمناقشة تقرير الأهلية الخاص بالمشروع ومخاوف الإدارة المعنية بالمشروع بالنسبة الى طلب التفتيش. طلب المدراء التنفيذيون من هيئة التفتيش الانتظار حتى يوليو عندما تصدر نتائج دراسة للمياه في لبنان بتكليف من الإدارة المعنية بالمشروع لإفادة المجلس ما اذا كان التحقيق لا يزال مبررا على ضوء نتائج الدراسة. ستركز الدراسة على المشاكل المتعلقة بنوعية المياه، توفرها وكلفتها بما ان هذه المشاكل تشكل المبرر الأكبر لإجراء التحقيق. تم نشر رد الادارة وتقرير الاهلية الخاص بالمشروع في 14 مارس 2011 بعد اجتماع مجلس المديرين لمناقشة مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه.
رد الادارة
في ردها على الشكوى، بنت ادارة البنك المعنية بالمشروع حجتها ضد التحقيق في المشروع على اساس ان الشكوى تعبر عن عدم رضى المتقدمين بالطلب عن تصميم المشروع: تنتقد الشكوى في الاساس خيار مصدر المياه ويقترح ممثل المتقدمين بالطلب مشروع بديل. لذلك، تشير الادارة الى ان اساس الشكوى لا يتعلق بالاضرار التي سيسببها المشروع، علما بان الاضرار المحتملة بسبب المشروع تشكل الشرط الاساسي لاعتبار اهلية المشروع للتحقيق من قبل هيئة التفتيش، بل هو يتعلق بتفضيل الممثل بالنسبة الى تصميم المشروع. تشكك الادارة ايضا في مصداقية الممثل بما انه قام باقتراح مشروع يعتمد على مصدر مياه بديل (مشروع سد الدامور) في الشكوى وعرض خدماته الاستشارية في حال اعتبر البنك الدولي مشروعه. لذلك، تعتبر الادارة ان الممثل ليس”طرف متضرر” لأنه يبدو انه يحاول تأمين المشتريات لمشروعه.
كذلك لم تعتبر الادارة سكان بيروت الكبرى الخمسين الآخرين المتقدمين بالطلب “اشخاص متضررين” لأن فقط ستة منهم يسكنون في منطقة المشروع كما تحددها الادارة، وبغض النظر عن اذا كان السكان يقيمون داخل او خارج منطقة المشروع، تشير الادارة الى ان هؤلاء السكان لن يتضرروا من المشروع: في اطار المشروع، لن يكون هناك ارتفاع في الرسوم الجمركية، ستتم معالجة المياه وفقا لمعايير عالمية، سيتم نقل عائلة واحدة فقط الى موقع جديد (هذه العائلة ليست من بين المتقدمين بالطلب) وحيازة الاراضي التي تمت سابقا لغرض المشروع كانت وفقا للقانون اللبناني ولم يشارك فيها البنك الدولي. وفقا لسياسة هيئة التفتيش، على الاطراف المتأثرين بمشروع يموله البنك الدولي ان يبرهنوا انهم سيتضررون مباشرة بسبب المشروع، ووفقا للسياسة ايضا،لا تملك هيئة التفتيش السلطة القضائية على القرارات المتعلقة بالمشتريات. بما ان، في نظر الادارة، فشل المتقدمين بالطلب في اثبات الضرر الناتج عن المشروع وبما ان الشكوى تتعلق بقضية المشتريات، تعتبر الادارة الشكوى غير مؤهلة للتحقيق.
ردت الادارة على القضايا البيئية والاجتماعية المحددة التي اثيرت في الشكوى على النحو التالي:
– ردا على المخاوف حول ارتفاع الرسوم الجمركية، اعلنت الادارة انه لن يتم فرض رسوم اضافية نتيجة مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه لأن الرسوم القائمة ستكفي لتغطية تكاليف المشروع وانه سيتم تخفيف الآثار البيئية والاجتماعية المتعلقة بالمشروع.
-ردا على قلق المواطنين بشأن تلوث مياه المشروع التي ستستخدم للشرب، اوضحت الادارة ان المياه ستعالج وفقا لمعايير عالمية.
-بينما يعتقد المتقدمون بالطلب ان هناك تكاليف لفرص بديلة لهذا المشروع لأن المياه من نهر الليطاني (مصدر المياه الاساسي للمشروع) يمكن استخدامها لري الاراضي المجاورة للنهر واستخدام مصدر بديل للمياه لتوفير المياه الصالحة للشرب لبيروت الكبرى، ترفض الادارة هذه الحجة وتوضح ان هذا لا يشكل تكلفة لفرص بديلة لأن مياه الليطاني لا تستخدم اصلا لري هذه الاراضي كما تدعي الشكوى.
-ردا على دعوى الممثل ان مشروعه المقترح هو البديل الأقل تكلفة، توضح الادارة ان مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه يشكل الخيار الأوفر بعد اعتبار خيارات اخرى للمشروع وان تحليل الممثل الذي يقارن فيه مصادر مختلفة للمياه خاطئ.
-في حين يعتقد المتقدمون بالطلب ان على البنك ان يعتبر الآثار الناتجة عن سد بسري ومن المعتقد ان هذا السد يعتمد مباشرة على تطبيق مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه، توضح الادارة ان سد بسري يشكل مشروع مستقل من مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه وان البنك الدولي لم يتلقى طلب رسمي ولم يلتزم بتمويل سد بسري ولذلك ليس من الضروري اعتباره في هذا الاطار بنظر الادارة. ومع ذلك، فان قرار اختيار مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه لتلبية احتياجات منطقة بيروت الكبرى للمياه على المدى القصير لا يستبعد مشاريع اخرى كسد الدامور، سد بسري وسد جنى التي ستعتبر في اطار استراتيجية بيروت الكبرى للمياه على المدى الطويل.
اعترفت الادارة ان كان هناك تأخير واغفال في عملية الافصاح عن وثائق معينة مهمة كما تدعي الشكوى. ولكن، بعد ان تلقت الشكوى، صححت هذه الاخطاء وافصحت عن هذه الوثائق. في المضي قدما، اتفقت الادارة مع الحكومة اللبنانية على اجراء تقييم استراتيجي للأثر البيئي والاجتماعي لدراسة المشاريع البديلة المختلفة لتزويد بيروت الكبرى بالمياه على المدى الطويل والتكاليف المتعلقة بهذه المشاريع. وتعتقد الادارة ان هذه الخطوة ستساهم في معالجة مخاوف الممثل بشأن المشاريع البديلة. التزمت الادارة ايضا بافصاح وثائق المشاريع في الوقت الملائم وبطريقة فعالة خصوصا في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. بحسب رد الادارة، قامت ادارة منطقة الشرق الاوسط و شمال افريقيا في البنك الدولي بارسال مذكرة الى اقسامها حول موضوع الامتثال بسياسة الافصاح عن المعلومات لضمان ان جميع الاقسام تلتزم بسياسة البنك هذه.
تقرير الاهلية
بعد زيارتها الميدانية الى لبنان، قدمت هيئة التفتيش تقرير الاهلية الخاص بالمشروع الذي تحدد فيه اهلية المشروع للتحقيق وتقدم توصية الى مجلس المديرين التنفيذيين بشأن ما اذا كان من الضروري التحقيق في القضية. ردا على تعليقات الادارة بشأن اهلية الطلب، فسرت هيئة التفتيش ان طلب التفتيش في مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه يلبي كل من شروط التأهل الستة بما في ذلك معيار “الأشخاص المتضررين.” توضح الهيئة انه يجب ان تتضمن منطقة المشروع المحددة، بالإضافة الى المواقع التي ستتم فيها اعمال البنية التحتية، كل المناطق التي ستتلقى المياه من المشروع. لذلك، يعتبر كل سكان بيروت الكبرى الممثلين في الشكوى “اشخاص متضررين.”
بالإضافة الى ذلك، ردا على اهتمام الادارة بقضية محاولة الممثل تأمين المشتريات لمشروعه، توضح هيئة التفتيش ان القضايا التي تشكل مصادر قلق لدى المتقدمين بالطلب لا تتعلق بتأمين المشتريات وان حجة الادارة ان تأمين المشتريات لا يقع ضمن اطار سلطة هيئة التفتيش القضائية لا تتعلق بالموضوع. تعترف الهيئة انه من الممكن ان ينظر الى الممثل على ان لديه مصلحة في مشروع بديل، ولكنها تعتبر ان عرضه على البنك الدولي ان يكون مستشار لمشروع سد الدامور لا يتعلق بمشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه ولا يجب ان يحول دون تحقيق الهيئة في الاضرار المتعلقة بالمشروع. لذلك، يعتبر الطلب مؤهل للتحقيق.
تؤيد هيئة التفتيش في تقريرها هدف المشروع لتلبية حاجة بيروت الكبرى الملحة للمياه الصالحة للشرب، لكنها تشير الى ثلاث قضايا رئيسية تتعلق بالأضرار المحتملة الناتجة عن المشروع تعتقد الهيئة انها تستحق تحقيق اضافي. تشكك الهيئة في ما اذا كانت معالجة المياه فعالة بما فيه الكفاية في جعلها تتوافق مع المعايير العالمية، خصوصا انه ليس هناك استنتاج واضح بالنسبة الى مصدر التلوث في المياه وإختلاف نسبته مع التقلبات الموسمية. القضية الثانية تتعلق بالرسوم الجمركية على المياه حيث اثار المتقدمون بالطلب مسألة التكليفات الاضافية. وافقت الهيئة على ان مخاوف المتقدمين بالطلب هي شرعية وتتساءل ما اذا من المنطقي الافتراض انه لن يتم فرض رسوم جمركية اضافية. تشير الهيئة ايضا الى ان نفق نقل المياه الذي يشكل جزء من المشروع سوف يتم بناءه بشكل يسمح باستيعاب كمية مياه اضافية من سد بسري المقترح، وهذا سيؤدي الى تكليفات اضافية بشكل رسوم جمركية غير محسوبة في تقييم المشروع. اخيرا، اثارت هيئة التفتيش قضية توافر المياه في نهر الليطاني وبحيرة القرعون، المصادر الرئيسية للمياه بالنسبة للمشروع، خصوصا خلال الموسم الجاف وهذا بالاضافة الى ان لبنان يعاني من انخفاض في نسبة هطول الامطار، الامر الذي من المتوقع ان يستمر.
لهذه الاسباب، اوصت هيئة التفتيش الى مجلس المديرين التنفيذيين بالقيام في التحقيق في مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه. نظرا الى نتيجة اجتماع المجلس في 10 مارس 2011، لن يأخذ المجلس قرارا نهائيا بشأن ما اذا كان ممكن للهيئة التحقيق في المشروع الى ان تصدر النتائج النهائية لدراسة المياه المكلفة من قبل الادارة المعنية في المشروع في يوليو 2011. في حال وافق المجلس على ان التحقيق في المشروع ما زال مستحق عندها، اعلن رئيس هيئة التفتيش ان الهيئة سوف تنجز عملها بحلول نهاية سنة 2011، في محاولة عدم تأخير تنفيذ المشروع.
تحليل ناقص
احدى نقاط الضعف في رد الادارة التي تتعلق بقضية تحليل المشاريع البديلة والمشار اليها في طلب التفتيش لم يتم معالجتها في تقرير هيئة التفتيش. يشير رد الادارة الى انه قد تم اعتبار مشاريع بديلة مثل سد جنى، سد بسري وسد الدامور لتزويد بيروت الكبرى بالمياه على المدى الطويل، لكنه قد تقرر ان مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه هو الخيار الامثل لتلبية حاجة بيروت الكبرى للمياه على المدى القصير. غير ان تحليل مناسب للمشاريع البديلة يتطلب من الحكومة ان تعتبر عدة مشاريع بديلة حتى للمدى القصير. ان دراسة تقييم الأثر البيئي والاجتماعي للمشروع، كما اشار ممثل المتقدمين بالطلب، لم تتضمن مصادر بديلة للمياه كمشاريع لتلبية حاجة بيروت للمياه على المدى القصير. فاذا لم تتم معالجة مصدر قلق مهم للممثل وهو انه من المحتمل ان يكون البنك قد انتهك سياساته التنفيذية والتي تحتم إجراء دراسة وافية لكل المشاريع البديلة.
المزيد من المصادر
صفحة البنك الدولي لمشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه (موقع البنك الدولي)طلب التفتيش، فتحي شتيلا، 2 نوفمبر 2010 (موقع هيئة التفتيش) (English)
رد الإدارة المعنية بالمشروع على طلب التفتيش، 13 ديسمبر 2010 (موقع هيئة التفتيش)(English)
تقرير الأهلية الخاص بالمشروع وبيان من الرئيس، هيئة التقتيش، 8 مارس 2011 (موقع هيئة التفتيش)(English)
بيان صحفي:مجلس مدراء البنك الدولي يناقش طلب تفتيش في لبنان، إدارة البنك الدولي وهيئة التفتيش، 10 مارس 2011 (موقع هيئة التفتيش)(English)