هذا الخبر متاح أيضا ب: الإنجليزية
مجموعات المجتمع المدني المصرية تقترح مجرى بديل للمياه لتغذية مشروع الري في منطقة غرب الدلتا من شأنه أن يخدم الفقراء من المزارعين بالإضافة إلى المستثمرين الأثرياء ولكن البنك الدولي يرفض ذلك
في شهر أبريل من هذا العام (2009) اجتمع ثلاثة من مسئولي البنك الدولي – بما فيهم قائد الفريق المخول بالعمل في مشروع الري في منطقة غرب الدلتا – مع ممثلين من مركز الأرض لحقوق الإنسان ومركز حابي للحقوق البيئية في القاهرة وذلك لبحث هموم منظمات المجتمع المدني المصرية عن المشروع. وفي اللقاء أصر فريق البنك على نفس الأيدولوجية التي يستخدمها البنك دوماً وهي أنه “وبتشجيع استثمارات القطاع الخاص فإن البنك بذلك يساعد في خلق فرص عمل وبالتالي فهو يساعد الفقراء!”
المشروع الذي يموله البنك الدولي ومانحون آخرون يتضمن بناء نظام للري يقوم على تحويل المياه من نهر النيل لإمداد المزارع الحديثة بالمياه والتي تخصص منتجاتها للتصدير وفي مناطق الصحراء المستصلحة والتي عانت من عمليات استنزاف حادة للمياه الجوفية. ومع هذا فإن معظم المحاصيل المنتجة من تلك المزارع هي محاصيل تستهلك المياه بكميات كبيرة وهي غير مناسبة للآراضي الجافة وفقاً لما أفاد به علماء في مركز البحوث الصحراوية المصري ومن هنا يتسآل الفرد لماذا يتم تحويل المياه من أجل الحفاظ على محاصيل هي في الأصل لا تتناسب مع تلك البيئة في المقام الأول. لقد تم تصميم هذا المشروع على الإفتراض القائل بأن مصر ستستمر في الحصول على حصتها التأريخية من مياه نهر النيل – وهو إفتراض يثير أسئلة كثيرة عندما نأخذ في الحسبان المفاوضات الحالية المتعلقة بمبادرة حوض النيل من أجل الوصول إلى إتفاقية جديدة لمياه النيل.
الأطروحة الأخرى المقلقة التي على أساسها تم تصميم هذا المشروع هي أن المزارع الحديثة التي ستصدر منتجاتها لن تستنفذ المياه على حساب الآراضي الزراعية الأخرى الواقعة على طول دلتا النيل والتي تنتج معظم محاصيل استهلاك السوق المحلي وذلك لأن هذه الآراضي لم تعد تنتج في نفس المستوى من المنتجات الزراعية التي كانت تنتجها في الماضي ومن هنا فهي لا تحتاج لكميات كبيرة من المياه. وفي الواقع فإن السبب وراء قلة انتاجية هذه الآراضي عمَّا كانت عليه هو عملية التمدن والتي كان من نتائجها القضاء على كثير من الآراضي الخصبة – وهي عملية غير قانونية وفقاً لمنظمات المجتمع المدني. ومن هنا يتساءل الفرد عن ما إذا كان هناك برنامج أفضل يشجع على المحافظة على الآراضي الخصبة ويوجه التمدن نحو الآراضي الصحراوية بدلاً من تنفيذ العكس.
وفي حين أن هذا المشروع قد يحقق أهدافاً معينة فإن منظمتين من المجتمع المدني المصري تقترحان بأن هناك طرق لتحقيق هذه الأهداف بل وأكثر من ذلك بشكل أفضل. وأثناء لقاء مع مسئولين من البنك الدولي اقترح ممثلون عن مركز الأرض لحقوق الإنسان ومركز حابي للحقوق البيئية بأن يقوم البنك ببناء محطات لتنقية المياه عند مصرف الرحاوي والتي تُعد أكثر مناطق التصريف تلوثاً على نهر النيل وحيث تبلغ المياه أعلى مستوى لها. وبعدها سيكون من الممكن تحويل المياه من منطقة التصريف هذه والتي هي أكثر قرباً من المزاراع الجديدة في منطقة غرب الدلتا مقارنة بالموقع المقترح في الوقت الراهن لشبكة أنابيب المياه. وإضافة إلى ذلك فإن المياه المعالجة سيكون من الممكن استخدامها حينها من قبل المزارعين في الآراضي الواقعة على منطقة الدلتا القديمة.
وفي رده على هذا المقترح أصر قائد فريق المشروع بأن الحكومة المصرية هي الشريك الوحيد الرسمي للبنك الدولي في هذا المشروع وبأنه وحتى يتم الأخذ في الإعتبار بأي مقترح يجب أن يتم تقديم هذا المقترح إلى البنك من قبل الحكومة المصرية. ولقد قامت في وقت سابق منظمتا المجتمع المدني المشار إليهما أعلاه بتقديم هذا المقترح إلى وزارة الري المصرية ولكن الوزارة لم تعط المقترح الاعتبار الجدي.
وأثناء مرحلة الإعداد لهذا المشروع قام البنك الدولي بتنظيم مشاورات مع المجتمعات المتأثرة كما تتطلبه سياسة البنك الدولي لتنفيذ مثل هذه مشاريع. وكان المدعون إلى تلك المشاورات هم بصفة رئيسية ممثلون للمستفيدين في منطقة غرب الدلتا ولا يمثلون هؤلاء المزارعين على طول منطقة الدلتا القديمة. وطالما أن هذا المشروع مثَل خطوة أولى باتجاه شراكة عامة وخاصة في قطاع الري في مصر فإن البنك قد أعطى أهمية لبحث هذا الإتجاه مع المستفيدين من الآراضي الجديدة. وقام البنك فقط بالأخذ في الاعتبار بنوعين من البدائل أثناء مرحلة الإعداد للمشروع وكانا هذان البديلان يقضيان إما بعدم تنفيذ هذا المشروع أو باستخدام إما قناة للمياه تحت الأرض أو قناة فوق الأرض. وهذان لا يمثلان بدائل جدية وإنما يدلان بالأحرى بأنه تم اعطاء الضوء الأخضر لمشروع ري منطقة غرب الدلتا دون الأخذ ببدائل حقيقية في الاعتبار.