هذا الخبر متاح أيضا ب: الإنجليزية
منظمة مجتمع مدني في اليمن ترفع شكوى إلى هيئة التفتيش التابعة للبنك الدولي بشأن عدم الترجمة
في تاريخ 13 أبريل 2009، قام “المرصد اليمني لحقوق الإنسان” – إحدى منظمات المجتمع المدني في العاصمة اليمنية صنعاء- برفع شكوى إلى هيئة التفتيش التابعة للبنك الدوليبشأن آلية الترجمة التابعة للبنك. وتعتبر هذه القضية تتويجاً لمسلسل الرفض الذي تتلقاه منظمات المجتمع المدني بخصوص ترجمة وثيقة مهمة من وثائق البنك. كما أن هذه الشكوى تقوم بتسليط الضوء على المشاكل المتعلقة بسياسة الترجمة والآليات الخاصة بتقديم الطلبات والإستئناف التابعة للبنك الدولي.
هذه المنظمة اليمنية قامت برفع شكواها إلى هيئة التفتيش التابعة للبنك، والتي تم إنشاءها في عام 1993 لكي تقوم بمعالجة شؤون الناس المعرضين للضرر الذي قد ينتج عن تنفيذ مشاريع تابعة للبنك الدولي. وايضاً لكي تتأكد من أن البنك ملتزمً بكل السياسات والإجراءات العملياتية في كل مراحل التصميم والتنفيذ للمشاريع التابعة للبنك.
وعلى الرغم من أن اللغة الرسمية للبنك هي اللغة الإنجليزية، إلا انه يقوم بترجمة المعلومات العامة والمهمة إلى لغات عديدة، مثل العربية، والفرنسية، والبرتغالية، والروسية، والأسبانية، ولكن كل هذا يتم على أساس مبدأ الإهتمام بتطبيق ممارسات أفضل لعمليات البنك وليس مستنداً على سياسة خاصة بهذا الشأن. ومع هذا، فإن ترجمة الوثائق المتعلقة بالمشاريع تُرمى على عاتق الحكومات المستدينة، والتى بدورها لاتقوم بترجمة متكاملة وإنما بتقديم ملخصات قصيرة لتلك الوثائق (مثل ملخصات تقييم الأثر البيئي، وخطط إعادة الإسكان للمجتمعات المحلية)، وبشكل محدود للغاية. وبالإضافة إلى هذا، فإن الوثائق المترجمة الخاصة بالمشاريع عادةً ما تكون صعبة المنال، ولايتم الحصول عليها بسهولة. كما أن الوثائق المهمة والصادرة عن البنك، مثل وثائق تقييم المشاريع، أو وثائق البرامج الخاصة بقروض سياسات التنمية على سبيل المثال، لايتم ترجمتها إلا نادراً.
الجدل الدائر حول هذه المسألة يشمل منحة بمقدار $51 مليون دولار (على مدار ثلاث سنوات) قدمها البنك الدولي للحكومة اليمنية لدعم جهود تنمية القطاعات الغير نفطية، و تعزيز إدارتي المالية والحكم الرشيد. حيث كانت المعلومات التي أفصح عنها البنك مبدئياً في هذا الصدد محدودة وغير كافية.
الإفصاح
تقوم سياسة الإفصاح الخاصة بالبنك الدولي بالسماح بنشر العديد من الوثائق الخاصة بمشاريع البنك، تبعاً لنوع هذه المشاريع والمراحل التي تمر بها. وتنص سياسة الإفصاح على أن يتم نشر “وثيقة معلومات المشروع” (PID) خلال مرحلة التحضير للمشروع، قبل ان تُرفع إلى مجلس الإدارة للموافقة عليها. وعادةً ماتحتوي هذه الوثيقة على عدة صفحات تشرح مكونات المشروع بشكل مختصر، مع العلم أن هذه الوثيقة عند بداية نشرها لاتُعد إلا مسودة ولاتمثل بالضرورة الوثيقة النهائية التي سيوافق عليها مجلس الإدارة. وذلك يعني بأن الوثيقة التي تُنشر في مرحلة الإعداد لاتعطي صورة واضحة عن طبيعة المشروع بعد الموافقة عليها من قبل مجلس الإدارة. ولهذا فإنه من الصعب على المجتمع المدني أن يبني فهماً متكاملاً عن طبيعة المشروع من خلال ماينشر في مرحلة الإعداد. بالإضافة إلى ذلك فإن البنك يصدر وثيقة أخرى تسمى “وثيقة تقييم المشروع” (PAD)، وعادةً مايتعدى طول هذه الوثيقة المائة صفحة، أي أنها وثيقة مفصلة نوعاً ما. وتنص سياسة الإفصاح الخاصة بالبنك على أن هذه الوثيقة يجب ان تُنشر إلى العامة بعد ان يقوم مجلس الإدارة بالتأكيد اوالموافقة على القرض أو الإئتمان. ايضاً، يقوم البنك بإصدار وثيقة تسمى “وثيقة البرنامج” (PD) والتي يتم إعدادها لمشاريع وعمليات الإصلاح التي يدعمها البنك، مثل قروض ومنح برامج الإصلاحات الهيكلية، وقروض إعادة التأهيل، وقروض ومنح برامج الإصلاحات القطاعية. وبالنسبة لعملية الإفصاح عن هذا النوع من الوثائق، فإن البنك لايقوم بنشرها إلى العامة إلا بعد ان يوافق عليها مجلس الإدارة والحكومة المستدينة (عدا الوثيقة الخاصة ببرنامج إئتمان دعم التخفيف من الفقر، والتي يتم نشرها بعد موافقة مجلس الإدارة فقط).
في تاريخ 6 ديسمبر 2007، قام مجلس إدارة البنك الدولي بالموافقة على منحة برنامج تنمية الإصلاح المؤسسي في اليمن، وعلى الرغم من أن الموافقة تمت في ذلك التاريخ إلا أن البنك لم يقم بنشر وثيقة البرنامج (PD) – وثيقة من 80 صفحة تشرح مكونات البرنامج بالتفصيل- على موقعه الإلكتروني إلا في الحادي عشر من نفس الشهر. بالإضافة إلى ذلك، فإن وثيقة معلومات المشروع ( PID) المكونة من 6 صفحات، والمؤرخة في شهر أبريل 2007، لم يتم نشرها إلا بتاريخ 12 ديسمبر 2007، أي بعد ان تم نشر وثيقة البرنامج (PD) وبعد أن قام مجلس إدارة البنك بالموافقة على المنحة الخاصة بالمشروع. إن التسلسل الزمني لهذه الأحداث يعد إنتهاكاً واضحاً لسياسة الإفصاح التابعة للبنك الدولي، حيث تنص هذه السياسة على أن يتم نشر وثيقة معلومات المشروع (PID) قبل أن يتم الحصول على موافقة مجلس الإدارة. وكذلك تنص سياسة الإفصاح على نشر وثيقة البرنامج (PD) بعد موافقة مجلس الإدارة مباشرةً. وفوق كل ذلك، فإن المشروع لم يتم وضعه ضمن قائمة المشاريع المقترحة قبل أن يتم رفعه إلى مجلس الإدارة للموافقة عليه.
تنص سياسة البنك على ان: الإعداد لوثيقة معلومات المشروع (PID) يتم أثناء القيام بالمراجعات الأولية للعمليات المقترحة التي تقوم بها إدارة البنك، ويتم نشرهذه الوثيقة وجعلها متوفرة للعامة. ويتم تحديث هذه الوثيقة كلما تم إحراز أي تقدم في عملية الإعداد. ويتم جعل كل التحديثات متوفرة للعامة.
إن عدم توفر المعلومات المتعلقة بالمشاريع قبل الموافقة عليها يشّكل عقبة كبيرة أمام المشاركة الفعّالة للمجتمع المدني بكافة فئاته. وللأسف الشديد فإن هذا الإجراء قد أصبح هو القاعدة بدلاً من يكون هو الإستثناء. بالإضافة إلى ذلك، فإنه عادةً لايتم تحديث معلومات المشاريع التي تم نشرها قبل عملية الموافقة، وعلى الرغم من أنه يتم الإفصاح عن وثائق التقييم البيئي والإجتماعي قبل الموافقة على المشاريع، إلا ان البنك يقوم بعدم نشر التفاصيل الكاملة للمشاريع والبرامج إلا بعد عملية الموافقة عليها (ويشمل ذلك وثائق البرامج، ووثائق تقييم المشاريع). إن عدم توفر مثل هذه المعلومات قبل عملية الموافقة على المشاريع والبرامج يمثل هاجساً مشتركاً لدى جميع الناشطين في مجالي التنمية والشفافية.
طبقاً لما ينص عليه إطار عمل الترجمة التابع للبنك الدولي، فإن قرار ترجمة أي وثيقة متعلقة بأي مشروع أو برنامج متروك للمدير الإقليمي لفرع البنك. وبما أن معظم موظفي ومسئولي الدول المستدينة لايتحدثون اللغة الإنجليزية، فإنه من الطبيعي أن يتم إفتراض ان كل الوثائق المتعلقة بمشاريع البنك يتم ترجمتها بشكل تلقائي إلى اللغات المحلية في هذه البلدان. ومع ذلك فإن البنك لايقوم بإلزام هذه الحكومات برفع هذه الترجمات اليه حتى يقوم بجعلها متوفرة للعامة. إن إلزام الحكومات المستدينة بالإفصاح عن الوثائق المترجمة سيزيد من سهولة الحصول على كل هذه المعلومات بدون تحمل البنك الدولي لأي تكاليف مادية خاصة بالترجمة.
اتخاذ الإجراءات
في تاريخ 16 يناير 2008، قامت مجموعة من منظمات المجتمع المدني برفع طلب رسمي إلى مكتب البنك الدولي في اليمن لترجمة الوثيقة الخاصة بمشروع تنمية الإصلاحات المؤسسية إلى اللغة العربية. في تاريخ 20 من ذات الشهر، قام مدير مكتب البنك الدولي في اليمن بالرد على الرسالة شاكراً هذه المنظمات لإهتمامها بعملية التنمية في البلد، ومادحاً مستوى الوعي العالي الذي تتميز به هذه المنظمات في اليمن، وقام بتلخيص رده بالقول: ” بأن هذه الوثيقة –كسائر الوثائق- متوفرة فقط باللغة الإنجليزية، لكونها اللغة الرسمية التي يتم التعامل بها في كل العقود والصفقات بين البنك والحكومة اليمنية”. وقام بالإعتذار على عدم القدرة على ترجمة هذه الوثيقة بسبب إنشغال البنك بإلتزامات اخرى، وتمنى بأن تقوم منظمات المجتمع المدني بمحاولة ترجمتها بأنفسهم.
وكرد فعل على تلك الرسالة، قام قادة المجتمع المدني في اليمن ، في تاريخ 30 يناير 2008، برفع طلب رسمي إلى مدير مكتب البنك الدولي في اليمن لمراجعة سياسة الترجمة الخاصة بالبنك، وكان هذا الطلب موقعاً ومدعوماً من قبل 25 منظمة محلية. وقد قامت هذه المجموعة بتحديد طلبها كالأتي:
“نحن-منظمات المجتمع المدني- نتفهم بشكل كبير مدى أهمية وحجم المهمة التي يضطلع بها البنك الدولي في اليمن من أجل إجراء عمليات الإصلاح الإقتصادي ودعم عمليات التنمية المستدامة، شاملة المشاريع التي يتم نشرها على الموقع الإلكتروني للبنك في مجالات التعليم، والموانيء، والريّ، والطاقة، والأشغال المحلية. ومع ذلك، فإننا نصرّ ونؤكد على أن نشر هذه المشاريع باللغة الإنجليزية يشكل عائقاً كبيراً أمامنا من أجل المشاركة الفعّالة والنشطة في هذه المشاريع.
وعلى الرغم من ان منظمات المجتمع المدني تتفهم موقفكم الموضح في الرسالة الأخيرة التي بعثتموها إلينا شارحةً الصعوبات التي يواجهها البنك في ترجمة هذه الوثائق إلى اللغة العربية، إلا أننا لازلنا نأمل بأن تقوموا بتطبيق كل الإجراءات التي تدعم عمليات الشفافية والحصول على المعلومات الخاصة بهذه المشاريع، وخاصة من خلال تزويدنا بترجمة عربية لوثيقة برنامج تنمية الإصلاح المؤسسي في اليمن…. هذا الإجراء سيقوي ويدعم عملية الشراكة بيننا من أجل المساهمة في تحمل المسؤولية ومن أجل أداء المهام المناطة بنا تجاه التحديات الحالية والمستقبلية التي يواجهها بلدنا.”