هذا الخبر متاح أيضا ب: الإنجليزية
بعد اللقاء الذي جمعه بالسيد روبرت زوليك، رئيس البنك الدولي، صرح السيد سيلفان شالوم، نائب رئيس وزراء إسرائيل للتنمية الإقليمية، بأن البنك الدولي قد وافق على تمويل برنامج توصيل مياه البحر الأحمر بمياه البحر الميت والذي يضم الأردن وفلسطين وإسرائيل. إلا أن مسئولي البنك الدولي قد أفادوا بأنهم لم يقوموا بتعهدات وبأن المشروع لا زال في مرحلة دراسة الجدوى.
قام برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمركز معلومات البنك بإعداد لقاء مع السيد ستيفان لينتنر، مستشار أول في البنك الدولي في العمل بالسياسات البيئية والاجتماعية، والسيد ألكسندر مكفيل، قائد فريق العمل في مشروع دراسة توصيل البحرين، وذلك من أجل بحث هذه التعهد. وتناول اللقاء مناقشة هذا المشروع المقترح وعلاقته مع مشاريع آخرى مشابهة في المنطقة. ولذا ركز اللقاء علي بحث أربعة محاور: بحث ما أشيع من أن البنك قد وافق على تمويل المشروع، وثانياً بعض التفاصيل عن مشروع توصيل مياه البحر الأحمر بمياه البحر الميت، وثالثاً مشروع مياه البحر الميت الأردني، ورابعاً خط أنبوب ديسي عمّان.
وفيما يتعلق بما أشيع من أن البنك قد ألتزم بتمويل مشروع توصيل مياه البحر الأحمر بمياه البحر الميت (والذي يحمل اسمه دلالة وأهمية كبيرة حتى لا يتم الخلط مع مشاريع أخرى) أوضح السيد لينتنر بأنه لم يكن هناك أي تعهد بتمويل المشروع في اللقاء الذي جمع السيد روبرت زوليك، رئيس البنك الدولي، بالسيد سيلفان شالوم، نائب رئيس وزارء إسرائيل. وأضاف السيد لينتنر بأنه ليس من صلاحية رئيس البنك الدولي قطع مثل تلك الوعود والتعهدات وبأن على كل قرار يتم اتخاذه أن يمر عبر الهيئة التنفيذية الكاملة لمجلس إدارة البنك. وما تم بحثه في ذلك اللقاء هو داراسة الجدوى للمشروع وليس تمويل المشروع نفسه. وهذا يناقض بشكل صريح ما أفاد به السيد شالوم في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
دور البنك الدولي
قام البنك الدولي في عام 2008 بتدشين دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع وذلك بناءً على شروط مرجعية مقدمة من الحكومات الثلاث المعنية بالمشروع. وتشمل دراسة الجدوى هذه البحث في كل العوامل الفنية والاقتصادية والمالية والبيئية. ويقوم البنك الدولي في الواقع بالإشراف على التقييم البيئي للمشروع المقترح وذلك من خلال دراسات فعلية تنفذها شركات خاصة. وبعيداً عن دراسة الجدوى والتقييم البيئي فإن هناك دراساتان ذكراهما السيد لينتنر ومكفيل وتتمثل أولاهما في اختبار مدى ملائمة خلط مياه البحر الأحمر بمياه البحرالميت (وتقوم إسرائيل بتنفيذ مشروع تجريبي لهذا الغرض) وتهدف الدراسة الثانية لإجراء اختبارات يتم من خلالها تقييم الآثار البيئية لتوصيل تلك المياه وهو المشروع الذي سيتم تنفيذه في رأس خليج العقبة. وعلى رغم من كون المشروع لا زال في مرحلة دراسة الجدوى إلا أن السيد لينتنر فند فكرة أن المشروع سينافس قناة السويس وذلك في ردٍ على العديد من المصريين الذين يساورهم قلق من إحتمال المنافسة ذلك لأن المياه المحولة بين البحرين لن تكون مناسبة للقوارب للسفر عليها. وفي الحقيقة فإن المشروع ليس قناة وهذا سؤ فهم شائع، بل ولم تتحدد بصفة كاملة الهيئة التي سيكون عليها المشروع ولكن من المحتمل أن يضم المشروع حفر أنفاق.
ومن المقرر أن يتم الإنتهاء من تنفيذ تلك الدراسات في بداية عام 2011. ووفقاً للسيد لينتنر فإن البنك الدولي لن يحدد بعد مقدار المساهمة المالية أو أي مساهمة أخرى سيقوم بتقديمها في مستقبل المشروع إلا أن السيد لينتنر قد أفاد بأنه وبحلول عام 2011 ستقوم الحكومات الثلاث المعنية بهذا المشروع بتحديد دور البنك الدولي إذا تطلب الأمر هذا وهذا الدور لن يتحدد إلا بقرار ستتخذه تلك الحكومات الثلاث. ويتحدد دور البنك الدولي في الوقت الحاضر فقط في دراسة الجدوى والدراسات الخاصة بالآثار البيئية والتي اشتركت في تمويلها بمبلغ 16.2 مليون دولار كل من فرنسا واليونان وإيطاليا وكوريا الجنوبية واليابان وهولندا والسويد والولايات المتحدة في بداية يوليو تناهى الأمريكية.
وفيما يتعلق بدراسة البدائل فقد أفاد السيد لينتنر، في هذا اللقاء الذي تم عقده في بداية شهر يوليو، بأنه يجب ألإنتهاءمن وضع شروط المرجعية لهذه الدراسة قبل نهاية يوليو أو بداية أغسطس وبأنها ستتضمن تقييماً لسيناريوهات مختلفة وتحليلات المقارنة. وكان كما يبدو أن البنك الدولي في انتظار الحصول على التفاصيل من الحكومة الأردنية فيما يتعلق بمشرع البحر الأحمر والأردن (انظر في الأسفل) وذلك حتى يتسنى لهم تضمين هذه المعلومات في شروط المرجعية.
هذا أمر سياسي
عندما يأتي الأمر للسياسة كان السيد لينتنر حذراً وأكد بأن مشروع توصيل المياه هذا ليس له علاقة البتة بمفاوضات السلام بين فلسطين وإسرائيل. وقال ببساطة بأنه وبإشراك الحكومات الثلاث في هذا المشروع نفسه فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى تعاون سلمي ولكن ليس لهذا التعاون أي علاقة بمفاوضات السلام أو بحل الدولتين.
ويري بعض المحللين أن توزيع مصادر المياه في المنطقة هو أحدى العوامل التي تجعل من حل الدولتين حلاً غير قابل للتطبيق.فبالنظر في سيناريو حل الدولتين فإنه من المحتمل أن فلسطينيي الضفة الغربية لن يتمكنوا من السيطرة على مصادر المياه الحيوية وكما هو الحال عليه الآن فإن هناك تفاوت كبير بين مصادر المياه المتاحة للفلسطينيين مقارنة بمصادر المياه المتاحة للإسرائيليين. ووفقاً لتقرير للبنك الدولي صدر في أبريل 2009 تحت عنوان تقييم القيود المفروضة على تطور قطاع المياه الفلسطيني فإن “الفلسطينيين لا يحصلون فقط إلا على خمس مصادر المياه في الحوض الجبلي … بينما تمتص إسرائيل الباقي.” كما ورد أيضا في ذات التقرير “تمثل حصة المواطن الفلسطيني من المياه في الضفة الغربية ربع ما يحصل عليه الإسرائيلي، بل وتقلصت هذه الحصة خلال العقد المنصرم.” وبالنظر إلى الحقائق التي ذكرها تقرير البنك الدولي نفسه فإنه من غير الواقع بأن أي مشروع له علاقة بالمياه في المنطقة لن يكون له مؤثرات على التفاوض في حل الدولتين.
مشروع مياه البحر الأحمر والأردن
قام السيد لينتنر كذلك ببحث مشروع مياه البحر الأحمر والأردن والذي حسب قوله لا دور للبنك الدولي فيه وبأنه مشروع يقوده بالكامل القطاع الخاص. والحكومة الأردنية هي الحكومة الوحيدة التي لها علاقة بذلك المشروع في حين أن مشروع توصيل مياه البحر الأحمر بمياه البحر الميت هو مشروع ثلاثي الأطراف. ويتكون المشروع الأردني من ثلاث مراحل: تتمثل المرحلتان الأولى في محطات تحلية في العقبة وسيتم الانتهاء منها في عامي 2014 و2018 على التوالي. وتتمثل المرحلة الثالثة في الإعداد لتشييد محطات التبريد الحرارية. وعلى العكس من ذلك فإن مشروع توصيل مياه البحر الأحمر بمياه البحر الميت سيتم الاستفادة منه في توليد الطاقة الكهربائية عن طريق قوة مائية متحركة ومحطة تحلية بالقرب من البحر الميت ونقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت الآخذ في التقلص.
خط أنبوب ديسي عمّان
هناك اختلاف بين مشروع توصيل مياه البحر الأحمر بمياه البحر الميت ومشروع خط أنبوب ديسي عمّان. ولقد عرض البنك الدولي تمويل هذا الأنبوب ولكنهم لم يتمكنوا من إكمال تلك الصفقة فإنه ووفقاً للسيد لينتنر فإن هيئة التمويل الدولية لم تتمكن من إكمال الصفقة مع الأردنيين وانتهت بذهاب العقد إلى شركة تجارية خاصة. ومع هذا فإن هيئة التمويل الدولية تقوم – وحتى وقت نشر هذا التحديث – بذكر خط أنبوب ديسي عمّان كأحد مشاريعها المقترحة وبتكلفة استثمارية تقديرية قدرها 875 مليون دولار أمريكي. كما يذكر الموقع أنه من المنتظر أن يتم عرض المشروع على مجلس الإدارة للموافقة عليه قبل نهاية 2008. وهذا يمكن أن يكون نتيجة لإدارة ضعيفة يحظى بها الموقع الإلكتروني لهيئة التمويل الدولية أو بأننا سنظل في انتظار سرد القصة كاملة. وعلاوة على ذلك فإن مسئولي مركز معلومات البنك الدولي كانوا تحت الانطباع أن البنك الدولي كان قد أراد أن يطبق السياسة الخاصة بالسكان الأصليين أثناء التقييم البيئي والاجتماعي لهذا المشروع كشرط للموافقة على تمويله وإن هذا كان السبب المباشر وراء قرار الحكومة الأردنية بعدم طلب التمويل من البنك. وأفاد السيد لينتنر بأن كل هذا كان غير صحيح بالكلية وبأن البنك قد قام بالفعل بإثارة سياسة حماية السكان الأصليين دون وجود مشاكل تُذكر. و كان مصير الصفقة ببساطة هو الفشل ولكن لاسباب لا علاقة لها بهذه السياسة.
وبصرف النظر عن من هم المستثمرون في هذا المشروع فإنه قد بدأ العمل في هذا المشروع ويتضمن ذلك تحويل 200 مليون متر مكعب من المياه عالية الجودة إلى عمّان للاستهلاك المحلي فقط. ويبقى السيد لينتنر على تأكيده بأن هذا المشروع يُعد هام جداً وبأن المشروع لم يظهر مؤثرات بيئية سلبية. وعندما سُئل السيد لينتنر عن كيفية ارتباط مشاريع المياه هذه ببعضها البعض أجاب بأن الأطراف المعنية بكل المشاريع الثلاث والبلدان الثلاث سيعقدون لقاءاً لبحث هذه المشاريع. وأشار كذلك إلى أن دراسة الجدوى والدراسات الأخرى المتعلقة بالآثار البيئية والاجتماعية لمشروع توصيل مياه البحر الأحمر بمياه البحر الأسود سوف تأخذ في الاعتبار هذه المشاريع الأخرى والتي قد يتم تنفيذها بشكل متزامن. و الوقت هو من سيبين كيف سيمضي هذا المشروع قُدماً للأمام وماذا سيكون دور البنك الدولي فيه.